الغزل و الحب.... بين الماضي و الحاضر
.
.
.
.
و أنا أستمع إلى بعض أغاني صقر الأغنية الشاوية "نصر الدين حرة"من ألبومه الجديد ارتأيت ألا أفوتها دون التركيز عليها و اقتباس موضوع منها، و موضوعي بعد إذنكم يا أخوتي الكرام هو الحب و الغزل بين الماضي و الحاضر، لا شك أنكم ستحكمون قبل أن أبدأ بالرداءة على الحاضر مثلي لكن لا بأس إن شرحنا بعض الكلمات و تحديد خلفياتها العاطفية و نواياها.
و لنتوجه إلى أغنية "عين الكرمة " التي رددها معظم الفنانين الجزائريين بمختلف الألوان الموسيقية و التي تعود أصلا إلى أسطورة الأغنية الشاوية "عيسى جرموني " رحمه الله.
و عين الكرمة هو اسم لمكان كان بمثابة ملتقى لحبيبين، فكان الحبيب ينتظر حبيبته كل مساء لتأتي و تسقي من هذه العين التي تتواجد بالقرب من كرمة" شجرة عنب" فيراها و يطفئ نار الشوق ، لكن الأقدار شاءت أن تغيب هذه الحبيبة ذات مساء حيث كان ينتظرها حبيبها على أحر من الجمر، فتمر الساعات دون أن تأت و ينادي بكلمات كلها معنى "يا عين الكرمة جيبيلي الخبار، على الطفلة الشاوية منها ضاق الحال" لنلمس في هذه الكلمات عشقا مزدوجا للحبيبة و المكان فالحب و اللقاء مرتبطان بهذا المكان فأصبح هذا المكان كجزء من قصة الحب لدرجة أن الحبيب أصبح يحاكيه و يطلب منه أن يزوده بالأخبار عن حبيبته، على خلاف ما نعيشه في جيلنا أماكن اللقاء تختلف بحسب الشرطة و الدرك فاليوم بيتزيريا العرقوب و غدا بيتزيريا النادي و الحب لا معنى له فكل ما يهم هو أن يلتقي الشاب بالفتاة في مكان ما حتى و إن تطلب الأمر الخروج إلى الأماكن المشبوهة، فالغرض يختلف فالأول كان يلاقي حبيبته فقط ليراها أما الثاني ....؟
على كل هذا الشطر الأول و الذي استنتجنا منه الغرض من الحب بين الماضي و الحاضر، و البيئة و مدى أهميتها و مغزاها و تأثيرها في علاقة حب، أما في الشطر الثاني فسنسعى إلى المقارنة بين الكلمات و خلفياتها، فلو نأخذ مثلا نفس الشخص "عيسى جرموني" و الذي يعتبر مرجعا للغزل و التغني بالحب في الماضي و نأخذ كلماته الشهيرة "ياي غطي صدرك ... البرد يضرك" هنا أيضا كلمات تعبر على مراعاة الأنوثة و الحرص على الحبيب في الغزل فالرأة مثلما هو معروف تحب من يهتم بأنوثتها و يتغنى بها و تحب أيضا من يهتم بها و يحرص عليها فهذا الحبيب في نفس البيئة و مثلما هو معروف في الماضي أن النسوة يجتمعن كل مساء للسقي و الشباب يتجولون على مقربة منهن، و حين يرى الحبيب حبيبته متأثرة بثقل الدلاء و تأثر ثيابها بالحالة التي هي فيها حيث حدث و أن رأى جزءا من صدرها بارزا و حرصا منه عليها من نسمات المساء ضرب عصفورين بحجر "أخاف عليك حبيبتي من البرد ... رأيت أنوثتك" و تقضي هذه الحبيبة الليل كله تقلب كلماته ، أما الآن فمعظم الأغاني على نفس شاكلة"نشري لعمري كات فار" و هذا يفسر شيئا واحد و هو أن المغني على دراية تامة أن المادة هي التي تغلب على اهتمام الفتيات ما جعله يوضف "الماتريال" في أغانيه لنيل الإهتمام و شد الإنتباه فشتانا بين المعاني في الغزل الأول و الأغنية الثانية، أو حين يقول الفنان في الماضي "يا حدة ما تقوليش خاف ، راني في بلاد الناس بارد الكتاف" يعني أنه لا يود المغامرة و المجازفة لأنه في بلدة غير بلدته و لا يرغب في المساس بأعراض الناس أما الآن فيقولون" لا بغا تحرشي فيا ... كل المرابطية" أي أنه سيدخل غصبا عنها و عن كل البلدة و العرش و هذا ما يفسر أن لا أهمية للناس ما دام الهدف....؟ و للعلم فإن معظم الشباب ألقي عليهم القبض متلبسين بممارسة الرذيلة من وراء هذه الأغنية.
آسف على الإطالة فق كان هذا نقلا مني لفهمي الشخصي للفرق بين الغزل و الحب في الماضي و الحاضر و ما خفي كان أعظم فأرجو أن تكون الفكرة قد وصلت و اللوم قل.