رسالة من أمير الأوراس إلى فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
فخامة الرئيس ,اعذروني إن تجردت من المقدمات المنمقة و من التعابير المنافقة و اسمحولي أن أمثل ابن الأوراس و أمثل كل حر في الأوراس و الجزائر,و أمثل كل من يتكلم بلهجة الظمير لا بلهجة المصالح, من صدى جبال الأوراس استخلصت كلماتي و من ظمائر أحرارها اكتسبت جرأتي و من معاناة الجزائريين استخلصت رسالتي, لن أكذب و لن أقول أنني لا أريد التغيير و لن أتصنع الولاء لحظرتكم و للنظام , فقد كتبت حتى تورمت أناملي و أنا أخطط حملات رافضة لكم و لنظامكم , سهرت الليالي و أنا أفكر في طريقة أجعل بها الشعب يثور على النظام اقتداءا بالتونسيين و المصريين , و عانيت من إرهاق في البصر لكثرة ما قرأت من مشاكل للجزائريين فقد كنت أبحث عما يساعدني في إثبات جشع و طغيان النظام , أقول كلماتي هذه و أنا لست بسياسي و لا بصحفي و لا حتى صاحب مصلحة أقول هذا و أنا ابن الأوراس مهد الثورة و منبع الحرية ,تعودت على قول الحق و رفض الذل و رفض الخضوع و طأطأة الرأس إلا لله عز و جل, و من هذه القناعة يا فخامة الرئيس قررت أن أقول الحق و أن أعبر بطريقتي عن معاناة كل أوراسي و جزائري أرهبه طغيان السلطات, فكما قلت لحظرتكم كنت من أكبر من أراد إشعال الثورة بشتى الطرق لكن خلال مدة قريبة أصبت بإرهاق شديد فلجأت لفترة نقاهة في الجبل و لم تكن أبدا فترة نقاهة بل فترة تفكير عميق و لحسن الحظ فقد كانت ثمرة هذا التفكير أنني عرفت قيمة الثورة و معناها ,و أدركت أن الثورة لا مجد لها إلا إذا كانت ضد عدو أجنبي و ليس من سمات الجزائري الحر أن يثور ضد أبناء بلده و ضد رؤسائه فشعب الجزائر أكبر من أن يدنس ثورة نوفمبر بثورة صغيرة و تافهة فالشعب الجزائري اعتاد و قادته على أن يكون لبيبا و اللبيب باللإشارة يفهم, شعب الجزائر لا يحتاج لثورة كي يغير و أمله في ذلك بأن رئيسه لا يحتاج لثورة كي يرحل ,أعذروني إن بالغت في جرأتي, لكن ليس بمنطق السياسة و لا بقواعد الدبلوماسية بل بقناعة شخصية و قراءة لا يفهمها إلا سواك فسترحل بقرار الشعب أو بدونه و لتكن رسالتي هذه مجرد تنبؤ لا يحمل أية خلفيات فأنت تعلم جيدا أن الموجة أقوى منكم و منا و لهذا يا فخامة الرئيس ننشادكم أن تكونوا مثال الجزائري الحر , نحن لا نفهم في السياسة مثلكم و لا نفقه في أمور البلد أكثر منكم لكن ما ندركه و متيقنون منه أن المواطن يعاني و أن كل إنسان بسيط في الجزائر يعاني و ما أكثر البسطاء بيننا , و ما أكثر المحقورين بيننا ,لا نحتاج لتربص في صفوف المخابرات و رجال الظل حتى نفهم الموازنات في الدولة و كيف يجب أن تخضع فئة ما كي يقف الوطن فنحن تعودنا على لغة الطبيعة و فيها تعلمنا أن الجبل لا يتماسك حتى تتماسك أشجاره فكيف سيصمد الوطن و الكل يقول اللهم نفسي؟ إذا كان شعار جزائر العزة و الكرامة نابعا من قلب إنسان شريف وصادق فنرجوا أن تبينوا لنا كيف ذلك ,فالنظام يلعب لعبة المصالح و إليك أبسط مثال لانعدام الكرامة للجزائري فاعتبروني حارسا بلديا و دعوني أخاطبكم و أتوجه إلى حظرتكم بسؤال: ألم أكن قوة استنجدتم بها لمجابهة أمواج الدم؟ و الآن أنا مهدد بفقدان قوتي و قوت أولادي ألست أشبه بمطرية رميت بعد ظهور أول خيط من شمس الأمان؟ أوليس هذا التصرف أشبه بلعبة مافيا ففور ما تنتهي المهمة أقال أو أصفى أم أنها أقرب إلى مثلنا الشعبي"عيني فيك و تفو عليك" ,أعذرني مرة أخرى إن أخطأت في الحديث و في التعبير و لكن يجب أن أتحدث بكل ما في قلبي حتى تؤمنوا أنني أعبر عن معاناتي كجريح للحكيم لا كخادم لسيده ,تعودنا في الأوراس على ألا ننافق و تعودنا على ألا نهاب و أن نقول الحق ,فإذا كان من الإحترام و الأدب أن نسكت عن الحق فللأسف نحن لا نجيد السكوت و لا نجيد البكاء في حجرنا فما كان أجدادي هكذا و ليس أبي هكذا و لن أكون هكذا .
قد تكون مظلوما و أكون أنا الظالم و ربما العكس و لن أحاول أن أتحرى ما إذا كنتم على حق أو على صواب لكن يجب أن تعلموا أن الرئيس يمثل دولة بشعبها و الرئيس أول مسؤول عن شرف و كرامة الدولة و شعبها و إذا كنتم فعلا ساهرين على شرف الشعب و كرامته فلابد أن تكون هذه تضحية منكم و قناعة بأن لا مصلحة فوق مصلحة الأمة و شعبها و دعوني أصرح أن الشعب لا تهمه التوازنات و لا الأحزاب و لا أية ألعاب تصممها السلطات فما يهمه هو أن يعيش بكرامة و أن يحافظ على تاريخ الأمة و أمجادها و أن يكون سندا للأمة فالشعب يريد أن يحس أنه ابن الجزائر لا ربيب الجزائر فلستم وحدكم أبناء الجزائر ,لكن ما نراه أن الربيب هو من يظفر بحنان الأم أكثر من ابنها فإن كان شعار "جزائر العزة و الكرامة " نابعا من قلب رجل شريف صادق فالله تعالى يقول في آيته الكريمة:"قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" و أقصد أن تسهروا على ضمان حقوق المحقورين من أفراد الحرس البلدي كأبسط مثال و أن تجعلوا الجزائر مضرب الأمثال في الكرامة , أما إذا كان الشعار مجرد مادة إعلانية لبلوغ العرش فأنصحكم أن تحافظوا على مجد الأمة و لا تدنسوا ثورة نوفمبر و تقتلوها بثورة ضدكم فالتغيير آت و لا تقل أن الجزائر ليست تونس ولا مصر فاللذي أوله دخان آخره رماد و نرجوا أن يكون لائقا بجزائر المليون و نصف مليون شهيد و لا نجعل منها وجبة إعلامية دسمة تتاجر بها الفضائيات .
أرجوا ألا تبتسموا يا سيدي ابتسامة ساخرة فالأفضل أن نرسم بسمة رضا و أمل ,بسمة أمن و أمان.
دمت سالما و حفظكم الله من كل سوء و حفظ الجزائر من كيد الكائدين
تحيا الجزائر