عشرون عاما و الرئيس التونسي يعتلي منصة الحكم عهدة تلو الأخرى ,عن طريق انتخابات شعبية يدعي هو و عصبته أنها نزيهة و أنها تعبير عن رأي الأغلبية في البلاد ,مثله مثل باقي زعماء العصابات العرب,و ما يحدث في تونس هذه الأيام لا شك أنه رشة ماء على معظم الشعب العربي ليستفيق و يقتنع بأن معظم الرءساء أرغموا شعبهم على الخضوع , و لا شك أن ما حدث في تونس أيضا يكذب حتما ادعاءات الإنتخابات النزيهة في الوطن العربي,و يكشف سياسة خبيثة كامنة بمجملها في العمالة و استتغلال الصلاحيات لحجب حرية الإختيار ,و يثبت بأن علاقة الرئيس العربي بالكرسي علاقة جارية بأميرها ,فهي تقبل الذل و الإهانة لتنعم بفراش من حرير ,و تحظى بشرف الإنتماء إلى عائلة الأسياد و خدمتهم,فالرئيس العربي يقبل كل المهانات و يوافق على كل بروتوكالات العمالة و سخط الشعب فقط لينعم بأحضان السلطة.
و نعود للنطلق من تونس و نتساءل:هل من المعقول أن شعبا أعطى أغلبية الأصوات لرئيس ثم يتراجع و ينقض خياره بهذه الطريقة؟ و أية طريقة؟ طردة أشبه بطردة زوج لزوجة خائنة,هل من المعقول أن ينتخب شعب رئيسا ليعود و يتهمه بالعمالة و تخريب البلاد؟ لا و الله فالشعب أكثر وعيا من أن يظطر للطعن في خياراته فإن وجد شخص واحد ضعيف الشخصية و ينقد خياراته و يتراجع عنها فمن المستحيل أن يكون الشعب بأسره ضعيف الشخصية.
و لابد أن تكون ثورة الشعب التونسي منظارا ليليا لبقية الشعوب العربية حتى يتمكنوا من رؤية إحداثيات العمالة و الخيانة و التواطؤ في ليالي أظلمت على حقوقهم و مصيرهم و حريتهم,فالشعب المسكين يرش بين الفينة و الأخرى بغبار الدبلوماسية السام,ليرغم على عدم الحراك,فكلما قرر الشعب انتفاضة إلا و أعيدت على مسامعه نفس العبارات (أنتم بهذا تكونون ضحية مآمرة خارجية و تصرفكم هذا يخدم أطرافا مجهولة) و بحسب المثل الجزائري و على لسان الشعب المحقور أقول للزعماء
عيبك يا هنية رديه فيا)فالعمالة منكم و الخيانة منكم و القذارة منكم فإن كنتم تناورون و تدعون أن انتفاضاتنا تخدم اليهود فأنا أقول لكم أنكم أنتم اليهود المحلي و الشعب أعرف بعدوه فإن وصل إلينا اليهود يوما فأنتم المعبر لأنكم عملاء فلو كنتم تريدون صلاح البلاد و تحاربون اليهود فعلا لخدمتم شعبكم نعم خدمة ,فالشعب هو الثورة و الشعب هو النخوة و الشعب هو السلطة ,
و الآن يا عرب....من يضاهي الشعب التونسي قوة في الشخصية و حبا للحرية ,و من يظاهيهم قدرة على دحر نظام جائر ؟و من يظاهيه قدرة على تحقيق المصير؟...
تونس بشعبها القليل العدد و القوي العزيمة و الإصرار استطاع أن يسقط شوكة عظيمة دبت جذورها منذ أمد بعيد,فمتى ستنتقل عدوى النخوة و الإصرار و رفض الحقرة إلى بلد النخوة؟ إلى بلد صارت المرأة فيه كلمة سر و صاحبة شأن و حظوظ و أصبح الغريب فيه أكبر حظا من صاحب الأرض,إلى بلد لا يثق النظام فيه بقدرة شعب على الرقي و هو الشعب الأكثر قوة و نخوة و حبا للوطن, يكفي أنه أرهب قوة استعمارية عظيمة ,إلى بلد ضربت فيه بعرض الحائط حرية الشعب و رأيه و أصبح النظام فيه يكتفي بإعطاء رقم من خياله و بعد ساعات قلائل يجسد هذا الرقم كنتيجة لانتخابات صممت بطلب من العملاء في صورة مزيفة لرغبة الشعب,و أنا بلسان الشعب أيضا أقول :هذه الأرقام أكبر و من الصعب بل من المستحيل أن تتحقق لدى شعب يعاني الأمرين في الفقر و البطالة,يعاني الأمرين في الحقرة و التهميش,يعاني الأمرين في الفساد و انفلات الأخلاق,يعاني الأمرين في الآفات و الحرقة,فأنا أنصحكم أن تراجعوا ظمائركم و تعيدوا النظر في أرقامكم علكم تكشفون أنكم مصابون بحمى الأرقام لا غير.
فإلى متى أيها الشعب ؟ إلى متى سننتظر القدر؟ إلى متى سننتظر وعودا لن تتحقق ,إلى متى سننتظر و نقبل بما يفرض علينا من اظطهاد؟ إلى متى نقبل أن يتحدث باسمنا العياشي و ثلته القذرة و يقرر باسمنا من هو خير للبلاد؟ نحن أكثر وعيا ,نحن أقوى شخصية و نحن أعرف بمصلحة الوطن نحن أبناء الأرض و أحفاد الشهداء و الباقي أبناء الخونة دخلوا الجزائر لينهشوها لا غير.
إلى متى سننتظر؟...مللنا الإنتظار في المكاتب و الإدارات ,مللنا الإنتظار لوصول أربعة دنانير إلى حسابنا ,مللنا الإنتظار في عقلية سلطة تظن أنها بدفع رواتبنا تصنع جميلا ,نحن أحق بأرضنا و أحق بخيراتنا من الغريب فهل عجزنا عن تركيب بلاطة في أرضيتنا حتى يأتي الصيني و ينعم بفرصنا ,هل شخنا حتى يأتي الصيني و ينعم بحقنا ؟ هل جننا حتى يأتي الصيني و يدير مصالحنا؟ مللنا و الله مللنا و قرب صبرنا على النفاذ كنفاذ قططنا من الشوارع .
نحن بحاجة إلى قططنا و بحاجة لكلابنا و لسنا بحاجة لمن يأكلها و لسنا بحاجة لكلاب السلطة.