نعم..
قطع اليد حقيقي، وهو البتر وليس المقصود التجريح، واليد هي ما دون الرسغ
أو المعصم إلى نهاية الأصابع، والقطع هو عقوبة السارق والسارقة
على السواء، وهو حد من حدود الله
التي لا ينبغي التهاون فيها. وقد ورد هذا الحكم في الآية الكريمة:
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا
كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (المائدة 39)
ولكن لا بد من الانتباه إلى عدة أمور تتعلق بتنفيذ هذه العقوبة وهي:
1- العقوبة هي للسارق و السارقة وهي صيغة اسم فاعل، وتأتي في هذا الاستعمال لتفيد من اعتاد
السرقة أو من طبع بهذا الطابع بحيث أصبح يمكن القول عنه إنه سارق. فلم تقل الآية
الكريمة من سرق و من سرقت بل قالت السارق والسارقة، لذلك ليس من العدل أن
تنفذ هذه العقوبة
على من سرق شيئا بسيطا أو من لم يعتد
السرقة.
2- هذه العقوبة ينفذها ولي الأمر الحاكم ولا ينبغي تنفيذها بشكل فردي.
3-
باب العفو مفتوح لصاحب الحق أن يعفو عن السارق وأن يتصالح معه، فلا يسلمه
للحاكم إن شاء أو يعفو عنه حتى بعد تسليمه فيتم التخفيف من الحكم وفقا لما
يراه الحاكم. وبهذا لا تقع عليه العقوبة القصوى.
4- تحتوي هذه الآية
معنى آخر معنويا يتضمن توجيها لصاحب الحق بحيث يمكنه أن يمنع ذلك السارق-
الذي قد يكون سرق شيئا بسيطا - من معاودة هذا الأمر مرة أخرى، سواء بطرده
إن كان يعمل عنده جزاء لسرقته، أو بتقييد صلاحياته بحيث لا يصل إلى الأموال
أو البضائع
التي سرق منها. وهذا الطرد والتقييد هو قطع معنوي لليد، وهو يعتبر عقوبة أيضا يخسر من خلالها السارق عمله أو منصبه.
5- ليس الهدف من هذه العقوبة هو قطع أيدي اللصوص الصغار والمتوسلين، فبشيء من التدبر يمكن معرفة مدى أهمية وقوع عقوبة كهذه
على سارقين حقيقيين من أصحاب المناصب ممن يسرقون أموال الشعوب ومقدراتهم
ويفسدون اقتصاد بلادهم بسبب طمعهم وجشعهم. إن هؤلاء لو أدركوا أن عاقبتهم
هي قطع يدهم (وهم الذين يسرقون لكي يتمتعوا بالمال وبالمتع الدنيوية)
فسيكون في ذلك رادع قوي لجشعهم وطمعهم، وقد يعمل التفكير في هذه العقوبة
على إعادتهم إلى صوابهم.