ولقمان بن ياعور هذا – يا ولدي – هو من ذكره رب العزة والجلالة في كتابه الكريم ، قائلاً عنه سبحانه ( ولقد آتينا لقمان الحكمة ) فاشتهر في كتب التاريخ ، وفي ذاكرة كل مؤمن ، بـ « لقمان الحكيم « . وتقول الكتب إنه كان عبداً حبشياً أسود يباع ويشترى ، ولد وعاش في بلاد النوبة « أسوان « في مصر ، عمل نجاراً ورعى الغنم وقيل كذلك إنه عمل خياطاً .. وهناك من يقول إن له صلة قرابة بأيوب : ابن أخته أو ابن خالته .
(ب)
قال له سيده : اذبح هذه الشاة ، وهات أطيب ما فيها ، واذبح الأخرى وأخرج منها أخبث ما فيها . فقام لقمان بذبح الأولى ، وأتى باللسان والقلب ، وذبح الثانية ورمى لسانها وقلبها !
فقال مولاه : عجباً لك .. ما الذي تفعله ؟
فقال لقمان حكمته الأولى :
إنه ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خبثا .
(ج)
رآه أحدهم – بعد سنوات – والناس حوله يستمعون لقوله ..
فقال : ألست الذي كنت ترعى الغنم ؟
قال : نعم .
قال : فما بلغ بك ما أرى ؟
قال : صدق الحديث ، والصمت عمّا لا يعنيني .
(د)
رأى رجلاً ينظر إليه بطريقة غير مريحة .. فقال له :
إن كنت تراني غليظ الشفتين فإنه يخرج من بينهما كلام رقيق ..
وإن كنت تراني أسود فقلبي أبيض .
(هـ)
ومن وصاياه لابنه اخترت لك :
يا بني .. ما ندمت على السكوت قط .
يا بني .. بئراً شربت منه ، لا ترمِ فيه حجراً .
يا بني .. عوّد لسانك : اللهم اغفر لي ، فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً .
يا بني .. عصفور في قدرك خيرٌ من ثور في قدر غيرك.
يا بني .. لا تضحك مع عجب ، ولا تسأل عمّا لا يعنيك .
يا بني .. اثنتان لا تذكرهما أبداً : إساءة الناس إليك ، وإحسانك للناس .
يا بني .. إن العمل لا يُستطاع إلا باليقين ، ومن يضعف يقينه يضعف عمله .
يا بني .. لا تكن حلواً فتبلع ، ولا مراً فتلفظ .
يا بني .. لا تأكل شبعاً على شبع ، فإنك إن تلقه للكلب خيرٌ من تأكله .
يا بني .. إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك .
يا بني .. إياك والدّين ، فإنه ذل النهار همّ الليل .
يا بني .. نقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم .
يا بني .. الرفق رأس الحكمة .
يا بني .. لا تتعلم ما لا تعلم حتى تعمل بما تعلم .
يا بني .. حملت الحديد فلم أجد أثقل من جار السوء وذقت المرارة كلها فلم أذق أشد من الفقر .
يا بني .. إذا أردت ان تؤاخي رجلا فاغضبه قبل ذلك ، فإن أنصفك عند غضبه .. وإلا فاحذره .
يا بني .. إذا كنت في بيوت الناس فاحفظ بصرك ، وإذا كنت في مجلس فاحفظ لسانك ، وإذا كنت في صلاة فاحفظ قلبك .