بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
لقد كانت الإجازة التي قضيناها في مسقط الرأس "أولاد عزوز" بمثابة فسيفساء بين الفرح و القرح ، و في آخر أيام الإجازة أراد القدر أن نختمها بحزن شديد حينما فقدنا "رشيد بروج "الحارس البلدي الذي مات قهرا و فقرا .
رشيد بروج شاب في أواخر الثلاثينات ، متزوج و أب لأربعة أطفال قضى حياته يبحث عن لقمة شريفة فعمل جنديا في الجيش لكن الظروف شاءت أن يترك الوظيفة و يلتحق بسلك الحرس البلدي ، فتزوج و أنجب أطفاله الأربعة ،و من يومها أصبح همه الوحيد التفكير في كيفية توفير لقمة شريفة لأولاده و لسان حاله يردد"العين بصيرة و اليد قصيرة" تعبيرا منه عن مدى عجزه عن توفير العيش الكريم لأربعة أطفال من مأكل و ملبس و راتبه لا يتعدى الـ20000 دينار جزائري و كما هو معروف فإن هذا الملبغ يصرفه أبناء الـ"مرفهين" في ساعة فكيف سيعيش به رشيد و أمثاله في الجزائر و بعملية حسابية بسيطة تبين أن هذا الملبغ يصرف في يوم واحد نظرا لغلاء المعيشة في بلد الخيرات بغض النظر عن تسديد ديون و غيرها ، المهم أن رشيد كان يفكر دائما بهذه الطريقة فحرم نفسه من كل شئ لكن هذا لم يشفع له من الحاجة و الإحتياج فبقي يفكر حتى انقضت عليه أيام سوداء نهشت فيه بمخالبها و من شدة الحزن و التفكير توفي المسكين بسكتة قلبية معلنا بلغة واضحة أن الكثيرين أمثاله إن هربوا من الإنتحار فإن الفقر و القهر جلادهم
فرحمة الله على رشيد و رحمة الله على الجزائر التي تعج بآلاف من أمثاله ...
إنا لله و إنا إليه لراجعون.