بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أعضاءنا الكرام، عربا و أمازيغ، نحن اليوم سنحاول أن نخوص قليلا في موضوع قد بدأ يطفو إلى الواجهة و هو فخر لنا و بشرى خير و تفاؤل لهوية طمست و تلاشت و أصبحت على شفا حفرة من الغرق في بحر العنصرية، و الأكيد هو أنكم فهمتم الموضوع من المقدمة لذا فلن أطيل في التمهيد فهي ببساطة الهوية الأمازيغية و التي تعتبر فخر الجزائر كوطن غني بالتراث و تعدد الحضارات و الثقافات و العادات و التقاليد، الجزائر فسيفساء جميلة من الثقافات و لا أحد ينكر هذا، بل هذا ما يدعو للافتخار لكن للأسف فهذه الفسيفساء بدأت بالتلاشي في قيمتها الجمالية و ذلك للعنصرية التي حجبت الرؤية الصحيحة لجمال الجزائر و تعدد حضاراتها.
الشئ الذي لا يخفى عن الجزائريين و الذي لا يمكن حجبه و إخفاؤه هو أن الجزائر أمازيغية الأصل و دخلها العرب فاتحين باسم الإسلام، لن نتعمق في سرد الأحداث و الخوض في تاريخ الأجناس لكن أردنا التذكير و فقط ، و رغم هذا فإن الجزائر بقيت أمازيغية و صمدت بعاداتها و تقاليدها و ثقافتها و حضارتها و حتى لغتها ، لكن أزمات سياسية و أمنية هددت قليلا هذا الصمود فخلال العشرية السوداء حدث ما لم يكن في الحسبان و نزح معظم سكان المناطق الريفية و الذين يعتبرون أصل الأمازيغية و المحافظون عليها و اختلطوا بأهل المدن لمدة من الزمن و نتج بذلك جيل جديد و كثيرون من هذا الجيل ليس لهم معرفة بأصلهم و هناك من تنكروا لأصلهم، و هذا ما ساعد على تحطيم الهوية الأمازيغية و النزوح الفكري و الثقافي، هذا هو تحليلي المتواضع لسبب انهيار الهوية الأمازيغية مع ترجيح كفة العنصرية التي فعلت فعلتها خلال الأعوام الأخيرة و حتى التهميش الذي تمارسه أيادي خفية في السلطة على الأمازيغ عامة و الشاوية خاصة. و هذا ما يجعلنا نردد "من يهن يسهل الهوان عليه" أي أن الشاوية اقتربوا من الإستسلام و لم يحركوا ساكنا خلال فترة التهميش مما جعل الأيادي الخفية تزيد من سطوتها على هويتنا.
لكن البشرى السعيدة هذه الأيام هو ذلك البركان الهادئ من الأحرار و من الغيورين على الهوية الأمازيغية الذين يحاولون أن يذكروا الجميع بأن الأمازيغ كالثعبان النائم و إن استيقظ سيل جارف مثلما يقول الفنان الأمازيغي أمناي" شاوي ذفيغر يلوي ، ما يكرد ذسوف آقوفا زداثس آثياوي" و الأكيد أن الجميع سيقف مع هذه الصحوة بما فيهم من ليسوا أمازيغا لأن الأمازيغية قضية وطن و قضية حضارة و قضية ثقافة و الجزائري اليوم أكثر وعيا و أكثر تطلعا للأمور أكثر من أي وقت مضى لكن هناك أيدي خفية تعرقل هذا المسار و لابد أن نكون أذكياء حيال هذا الأمر ، فيجب أن نكون ذوي حكمة و ذوي رأي صائب و لا نتهور فالأفعى معروفة بحكمتها تصل إلى هدفها بطريقة مرنة و آمنة أما الثور الهائج فلا يرى غير القماش الأحمر فيهرع إليه دون وعي فيلقى سهاما في ظهره تدميه و تفقده قوته و تقتله و ما نفع الهدف حينها.
النضال من أجل الهوية الأمازيغية يجب أن يكون بحكمة و يجب أن يكون على طريقة الأفعى لنضمن الأمن و تحقيق الهدف و لا نتصنع القوة و التعنتر فتغرز في ظهورنا سهام تقتل عزيمتنا.
النضال ليس أن تتكلم بلغة لا يفهمها جميع الناس النضال هو أن تحبب الناس في لفتك و تجعلهم يرغبون في تعلمها، النضال ليس أن تفرض منطقك بالقوة النضال هو أن تجعل جميع الناس يقتنعون بمنطقك، و نحن أولا و أخيرا مسلمون نقتدي بسيدنا و سيد البشرية محمد صلى الله عليه و سلم، فالرسول أثناء تبليغ رسالته لم يفرض الإسلام بالقوة بل فرضه بأخلاقه و أخلاق الإسلام، فرضه بمبادئه و قيم الإسلام، فرضه بالإحترام و ليس بالإهانة، و مجرد مثال بسيط أن الرسول صلى الله عليه و سلم جعل أسيرا يسلم لمجرد أنه عامله معاملة حسنة و ذلك الأسير اقتنع أن الإسلام دين مسامح و لهذا أسلم.
من يحاول فرض منطقه بالقوة لا يجني غير القوة و من يحاول فرض منطقه بالحكمة و الأخلاق فسينال ما ناضل من أجله، و احترام الناس هي كلمة سر في كل شئ فإن احترمت الناس ظفرت بحبهم و إن كانوا أعداء و إن تعنترت فإنك لن تظفر بشئ حتى من الصديق، و كنت أريد أن أقول من كل هذا أن الأمازيغية و النضال ليس أن ندخل على عربي و نكلمه بالشاوية و ندعي أننا أمازيغ ، الأمازيغية ليست كلمات و فقط الأمازيغية مبادئ و ثقافة و عادات و تقاليد و أخلاق فإن حدثت عربيا بالعربية و شرحت له عادات الأمازيغ ربما سيحبها و ربما سيحاول تعلم الأمازيغية من حبه لعاداتنا و إعجابه بثقافتنا أما أن تحدثه بالأمازيغية فلن يفهم و سيرد عليك بالخشونة و بفضاضة لأنك حاولت أن تستفزه بتحديثه بما لا يفهم، و هكذا يبقى الصراع قائما و تبقى نظرة الناس إلى الأمازيغي على أنه همجي، و يبقى مبدئي هو : إذا كنت في قوم فاحلب في إينائهم ، و إن كنت في وطنك فربي أبناءك على الأمازيغية و حب الأمازيغية و احترام الآخرين لا على الحقد و العنصرية، فإن أتاك ضيف علمه لغتك و إن استضافك أحد فاحترم لغته.
فنحن الآن في وطن اسمه الجزائر فيه عرب و أمازيغ و شئ جميل أن نتفاهم و نكون يدا واحدة في سبيل الحفاظ على الأمازيغية كهوية جزائرية و لا نحاول أن نقسم الجزائر باسم العروشية.
في السابق كانت الأمازيغية على ديدانها و كان الجميع يحبها بما فيهم العرب و كان الجزائريون يدا واحدة عربا و أمازيغ أما الآن فكل واحد يحاول أن يأخذ النصف و هذا الأمر لا يخلف إلا الإنقسام و الصراعات العرقية و العروشية.
و لنحاول يدا بيد أن نكسر جدار العنصرية الذي تؤسسه الأيادي الخفية،
و من يريد النضال من أجل الأمازيغية فليناضل أولا من أجل القيم و المبادئ لأن من لا مبادئ له لا هوية له و لنحاول أن نؤطر نضالنا و لنحاول إيجاد قائد ذو مبادئ ندفعه فيسحبنا و لا نتدافع فنموت في الزحام.
أرجو أن أكون قد أوصلت و لو جزا بسيطا من وجهة نظري كأمازيغي جزائري لا كأمازيغي متعصب.