" في العام 1986 وخلال حرب الخليج الأولى ، مع ذروة التراشق الصاروخي بين العراق وإيران ، استطعت رؤية تأثير هذا الصاروخ المدعو " سكود " على المناطق السكنية عند سقوطه عليها .. عشرات القتلى ومثلها من الأبنية المدمره .. نحو ألف كيلوغرام من المتفجرات كانت كفيلة بإحداث هزة عنيفة تمتد على مسافة بضعة كيلومترات من مركز السقوط " .
لا نبالغ إذا قلنا أن سلاح الطيران الإسرائيلي يستطيع بلوغ أي نقطة تقريباً في عواصم دول الطوق العربية ، نحن لا نتحدث عن مراكز قيادة وسيطرة ومقرات عسكرية فقط ، بل نتحدث أيضاً عن منشئات حكومية ومراكز صناعية ومحطات كهربائية .. وربما سدود مائية !! الخبرات السابقة أثبتت مثل هذه القدرات ، ولكن هل تجرؤ القيادة الإسرائيلية على إتخاذ قرار التدمير الشامل ضد عواصم ومدن دول الجوار ؟؟ هل توجد تحفظات ومخاوف إسرائيلية تجاه إتخاذ مثل هذا القرار ؟؟
ليس سراً أن المصريين يعملون منذ زمن – وبالتعاون مع دول أخرى – من أجل تطوير نسخ مغايرة للصاروخ الأرضي الروسي سكود Scud variant ( موقع الإختبارات المصري المتضمن وقود الصاروخ ومنطقة إختبار في أبوزعبل Zaabal ، ومركز الإنتاج للصاروخ في حلوان ) مشاريع عديدة إستهدفت عصرنة modernizing وتحديث هذا السلاح الروسي العتيق لزيادة مداه وتحصيل الدقة المطلوبة ( للمصريين تجربة عملياتية في إستخدام هذا النوع من الصواريخ في حرب أكتوبر ) هذه الصواريخ ذات إستخدام وتأثير محدود في ساحة المعركة battlefield use ، وفائدتها الحقيقية تكمن في توجيهها نحو المدن civilian bombardment ومراكز الصناعة والإنتاج المدنية أو العسكرية .
أحد المشاريع المصرية الإبتدائية لتطوير صواريخ أرض – أرض كان بالتعاون مع الأرجنتين والمشروع " بدر 2000 " وهي التسمية المصرية للسلاح ، في حين كانت التسمية الأرجنتينية هي " Condor " . توقف المشروع بعد مرحلة من العمل الجاد لأسباب عدة ( كان من المفترض أن يعرض صاروخ مدى من 1000 – 1500 كلم ) ، فقرر المصريين المضي قدماً في مشروعهم الخاص المسمى " Project T " وهو مشروع وُصف بالنجاح من قبل بعض المتابعين لتطوير أداء الصاروخ الروسي Scud B . وتتحدث تقارير أخرى عن أن المصريين إستفادوا من الخبرات الكورية الشمالية ، ومنظومات صواريخ أرض – أرض نوع No-dong 1/2 ذات الدافع السائل liquid propellant والمدى البعيد longer-range . الصاروخ Scud B في نسخته الأصلية يمتلك مدى أقصى من 300 كلم ، ( عمل المصريون بالتنسيق الفني مع الكوريين الشماليين لزيادة المدى لأكثر من 450 كلم ) ، وحمولة حربية تقدر بنحو 985 كلغم ( يعتقد أن مصنع Sakr مسؤول عن إنتاج الرؤوس الحربية ) أما نسبة الخطاْ – وهي جداً مناسبة – فتقدر بنحو 450 متر عن الهدف المنشود ( يدعي الإسرائيليون أن منظومتهم الصاروخية Arrow قادرة على إعتراض الصاروخ المصري وقبل أن يدخل الأجواء الإسرائيلية ) .
طبقا للمسؤولين أمريكان " مصر تقترب من النجاح بسرعة ، لا خطر في أن نفترض أن المصريين قد حسنوا بنجاح من مدى الصاروخ سكود "
فكيف بدأ المصريين العمل على تطوير مشروعهم الرامي لتوفير سلاح دعم – وربما ردع – إستراتيجي :
1960 : تستورد مصر مهندسون وعلماء ألمان للمساعدة على تطوير برنامجهم الخاص للصواريخ الباليستية .
1972 : يجهّز الإتحاد السوفيتي مصر بصواريخ أرض – أرض قصيرة المدى من نوع FROG-7 .
1973 : تستورد مصر تسع قاذفات سوفيتية launchers على ما يقال ، وتقريبا 18 صاروخ نوع Scud-B ، ويتم لأول مره إطلاق ثلاثة منها بإتجاه المواقع الإسرائيلية في سيناء ، أثناء حرب 1973 أكتوبر .
أوائل الثمانينات : تزوّد مصر كوريا الشمالية بصاروخ سوفيتي الصنع من طراز Scud-B ، لتطبيق مبدأ لهندسة العكسية reverse engineering ومحاولة إنتاج نسخة مشابهه .
1982 : تبدأ مصر التعاون في التعاون مع الأرجنتين والعراق على تطوير وإنتاج صاروخ بمدى 1,000 كيلومتر ، عرف هذا الصاروخ بإسم Condor II في الأرجنتين أو بدر -2000 في مصر. وقامت شركات ألمانية وإيطالية بتوفير تقنيات التوجيه للصواروخ .
1986 : تتمكّن مصر من الحصول على تفاصيل البرنامج الكوري الشمالي لتطوير الصاروخ Scud-B ، بضمن ذلك الوثائق والرسوم التقنية technical documents and drawings .
1987-1990 : يجتهد الخبراء المصريون في العراق على العمل على مشروع تطوير الصاروخ Condor II .
1988 : إعتقال ضابط عسكري مصري في بالتيمور Baltimore ، لمحاولة تهريب مواد تستخدم في صناعة الصواريخ البالستية خارج الولايات المتّحدة ( 200 كيلوغرام من مادّة كاربون الكاربون ، وهي المادة المستعمله في صناعة مخروط الصاروخ الأمامي ، وتحسّن دقة الصاروخ بحماية المخروط الأمامي من الحرارة الإحتكاكية الكبيرة التي تنتج عن دخول الصاروخ في طبقة الجو أوتوسفير atmosphere ) وإتهام مهندس مصري المولد أمريكي الجنسية ، يدعى عبد القادر حلمي ( يعمل في مركز كاليفورنيا الفضائي California aerospace ) بتسريب المعلومات السرية لصالح وزارة الدفاع المصرية .
1990 : يبدأ المصريين أول عمليات إنتاج فعلية لصواريخ Scud في مصنع هيليبولس Heliopolis factory .
1996 : تكتشف المخابرات الأمريكية على ما يقال أنه سبع شحنات بحرية shipments من كوريا الشمالية إلى مصر ، تضم مواد تستخدم في تصنيع الصاروخ Scud-C missiles ، بضمن ذلك الصفائح الفولاذية steel sheets وأجهزة الدعم .
يوليو/تموز 1997 : تؤكّد وكالة المخابرات المركزية بأنّ مصر حصلت على قطع غيار وتقنيات من كوريا الشمالية وروسيا السنة الماضية لتطوير صواريخ Scud-B .
فبراير/شباط 1999 : تقرير وكالة المخابرات المركزية يقول أن مصر " تواصل جهدها لتطوير وإنتاج " الصواريخ الباليستية من طراز Scud B و Scud C . ويضيف التقرير، أن مصر تواصل عملها للحصول على مكوّنات الصواريخ الباليستيه ballistic missile والأجهزة المرتبطة بها من كوريا الشمالية .
مارس/آذار 1999 : تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية مصادر معلوماتية تحدثت عن أن ثلاث شركات مصرية ، هي الشركة العربية البريطانية للديناميكا Arab-British Dynamics ، وشركة حلوان للمكائن والمعدات Helwan Machinery and Equipment ، ومصنع قادر لتطوير الصناعات Kader Factory for Developed Industries ، تعمل في مشروع الصاروخ البالستي بالتنسيق الفني مع كوريا الشمالية .
فبراير/شباط 2000 : تزعم الولايات المتّحدة والمخابرات الإسرائيلية بأنّ التقنيات الغربية التي حصلت عليها الشركات الحكومية المصرية ، يتم إرسالها إلى كوريا الشمالية ، حيث يعاد تكييفها وتوظيفها كمكوّنات رئيسة متقدّمة لبرنامج الصواريخ البالستية .