السلام عليكم
*****************
بكاء الطفل بالنسبة للأذن الغير مدربة هو مجرد صياح عالى، مزعج، ولا متناهى، وبمجرد أن تصبحى أماً ستدركين أن طفلك لدية مرجع متنوع للصراخ والبكاء والعويل، وفقط عندما تعتقدين أنك فهمتى ما يعنيه كل هذا البكاء يفاجئك طفلك بطرق جديدة فى الصراخ، فما الذى يستدعى كل هذا البكاء؟ وكيف يمكنك أن تتعاملى معه؟
الأطفال الرضع : منذ الولادة وحتى سن 6 شهور
عندما يكون طفلك مبلل فإنه يبكى، عندما يتألم فإنه يبكى، عند إحساسه بالجوع يبكى أيضاً، فالأطفال الرضع لا يستطيعون التحكم فى بكائهم، ففى الأسابيع الأولى من العمر غالباً ما يكون البكاء مجرد ردة فعل، وهو الذى يترك الأم متسائلة: لماذا يبكى؟ وكيف يمكننى تهدئته؟
فى هذه الحالة من المهم للأم أن تسترخى وتأخذ نفساً عميقاً وأن تتذكر أن هذا البكاء شىء طبيعى فى هذا العمر، فبكاء الأطفال الرضع بطبيعته ليس جيداً أو سيئاً، لأنه فى الغالب لا توجد أى مشاعر سيئة وراء هذا البكاء، فالرضيع يبكى ببساطه لأنه لا يملك وسيلة أخرى للتواصل.
وبفضل النمو المذهل للعقل والجهاز العصبى بعد حوالى الست أسابيع الأولى يكتسب الرضيع قدرة أكبر على التحكم فى البكاء، ليست بالطبع قدرة كبيرة ولكنها كافية للتواصل مع الأم، بمعنى أنه عندما يبكى الطفل فإن الأم ستأتى لتغيير الحفاضة، أو لإطعامه، أو لتدليله، وبمرور الشهور سيتطور إدراك الطفل ليفهم الصلة بين بكائه ورد فعل الأم.
ما الذى يجب أن تفعله الأم؟
1- راجعى الأسباب التى تستدعى البكاء.
إذا كنتى غير متأكدة من سبب بكاء الطفل فراجعى الأسباب ببساطة، هل رضع؟ هل تجشأ؟ هل يحتاج لتغيير الحفاضة؟
2- عانقيه، تمايلى به، وحاولى إسكاته بهدوء.
لقد أمضى الطفل 9 أشهر فى بيئة مريحة ذات درجة حرارة ثابتة، فلا عجب أن الطفل يستجيب للإحتضان، والتمايل بهدوء، وهو ما يشبه الشعور والأصوات التى إعتاد عليها فى رحم الأم، وبما أن الرضيع ليس له سيطرة على عضلاته، فالإحتضان يبقى ذراعيه وساقيه ملاصقة لجسمه مما يتيح له الحصول على النوم الذى يحتاجه دون إنقطاع.
3- لا تكلفى نفسك فوق طاقتها.
ضعى الطفل فى غرفة هادئة ومظلمة، الطفل قد يحتاج إلى الإبتعاد عن أي تنبيه أو إثارة.
4- عرفى طفلك على العالم الخارجى.
بعض الأمهات يحاصرون أطفالهم داخل المنزل ظناً منهم أن الهدوء والسكينة هما ما يحتاج إليه الأطفال الرضع، لكن فى الواقع قد يشتاق الطفل لسماع الأصوات التى إعتاد سماعها وهو داخل رحم الأم، مثل صوتك، صوت غناء زوجك، الكلام أو الغناء بنبرة صوت طبيعية.. إلخ.
الأطفال من 6 الى 12 شهراً.
الطفل فى عمر 6 أشهر تقريباً يبدأ فى إدراك أن هناك صلة بين بكائه وحصوله على ردة فعل من الأم، فمثلاً عندما يقذف الكره فى أنحاء الغرفة ويشاهد الأم وهى تنظم الفوضى التى أحدثها، أو عندما يمد ذراعيه فتأتى الأم وتحمله، فتتكون لديه قاعدة بيانات داخلية تربط بين الفعل وردة الفعل.
وهذا أيضاً هو الوقت الذى يمكن للأم أن تلاحظ بعض التغيرات فى شخصية الطفل، فالأطفال عادة ما يحصلون على أول أسنانهم ما بين 6 و 10 أشهر، والتى يمكن أن تسبب لهم الكثير من الألم، وبالطبع الألم يعنى البكاء.
والطفل فى هذا العمر أيضاً يكون لديه مفهوم نفسى يسمى إستمرارية الأشياء، أى أنه عندما كان طفلاً رضيعاً لم يكن ينزعج عندما تغادرين الغرفة لأنه لم يكن يدرك أنك مفقودة، أما الآن عندما يراك تغادرين الغرفة فإنه يرتبك ولا يعرف أين أمه، وهل ستعود أم لا، ولأنه لا يستطيع أن ينادى عليك أو يسألك أين تذهبين، فإنه يستخدم الوسيلة الوحيدة المتاحة له، فهو يبكى ليحصل على إهتمامك، فخبرته السابقة علمته أنه عندما يبكى تأتي الأم مسرعة إليه.
الآن يمكنك التمييز بين الأنواع المختلفة من البكاء والصراخ، لكن لا تتوترى إذا لم تكونى قادرة على ذلك، فلا تصدقى مقولة أن جميع الأمهات تفهم ما يريده أطفالهن عندما يبدؤون بالبكاء.
ما الذى يجب أن تفعله الأم؟
1- علمى طفلك أن يهدىء نفسه بنفسه.
هناك نوع من البكاء ستكونين قادرة على تمييزه أكثر من غيره، ألا وهو البكاء للضجر، وهيأته أن يبدأ الطفل فى البكاء ثم يتوقف، فعلمى طفلك أن يهدأ بنفسه وستكونين بذلك تعطيه درساً قيماً، فإذا كان يبكى كل مرة تغادرين فيها الغرقة، إلعبى معه لعبة بسيطة تساعده فى إدراك مفهوم إستمرارية الأشياء، وسيدرك فى نهاية المطاف أنه بالرغم من أنك غير موجودة فى الغرفة إلا أنك لاتزالين قريبة منه، بعد هذا سيبكى الطفل لكن ربما ليس كل مرة تغادرين فيها.
2- علميه شيئا واحدا فقط كل مرة.
فى بعض الأحيان يريد الطفل أن ينظر إلى جدار آخر أو أن يجرب لعبة مختلفةً، وعندها يبدأ فى البكاء، فلا تتحمسى و تعطيه خمسة أشياء جديدة ليستوعبها فى خمس ثوانى، عرفيه على الأشياء ببطء.
3- حاولى الإشارة إلى الأشياء.
لغة الإشارة يمكنها أن تساعد طفلك أن يتواصل معك دون اللجوء للبكاء.
4- قدمى له شىء قابل للمضغ.
بعض الأطفال لا يبدون أى دلائل أنهم فى فترة التسنين، مثل الإفراط فى اللعاب، العض، ألم فى اللثة، إنهم ببساطة يبكون أكثر من المعتاد، إعطيه شىء قابل للمضغ للتخفيف عنه.
الأطفال الصغار: من 12 الى 24 شهراً.
الآن طفلك مستعد للإنطلاق، فقد إكتسب مهارات التواصل بسرعة مذهلة، هو يشعر بالإثارة لإكتشاف الأشياء لكن فى نفس الوقت يخشى أن يبتعد كثيراً عنك، وهذا يشكل عبء عليه فيلجأ للدموع.
وربما بدأ طفلك الآن الكلام أيضاً، لكنه ما زال لا يستطيع التعبير عن الإحباط مثلاً عندما يقترض طفلاً آخر لعبته، وأيضاً يبدأ الشعور بالخوف من أشياء محددة مثل الظلام، الكلاب، الألعاب النارية... وبينما يبدأ الطفل فى السيطرة بشكل أفضل على البكاء ترتفع آمال الأباء والأمهات فى بعض الأحيان أكثر مما ينبغى، فمثلاً عند موعد الذهاب للنوم قد يكون هناك الكثير من الأفكار التى تدور فى ذهن الطفل ولا يستطيع نسيانها، ولأنه لا يعرف ماذا يفعل فإنه يبدأ فى البكاء،
لكن الخبر السار هنا أن البكاء عند الأطفال شىء متوقع ومفيد أيضاً، لأنهم يتعلمون أنهم سيتخطون مرحلة البكاء ثم يعودون لحياتهم مرة أخرى.
ما الذى يجب أن تفعله الأم؟
1- إستعدى لتواصل أكثر تطوراً.
عندما يشعر طفلك بالجوع، التعب، أو المرض يمكنك غالباً معالجة الوضع أوإنهاء بكائه بتقديم وجبة، أو مساعدته على النوم، لكن الطفل الآن يعرف أنه يستطيع التلاعب بمشاعرك إذا انفجر فى البكاء، فيحاول إستغلال الوضع، فمن المهم هنا أن تحافظى على هدوئك وعدم السماح له بذلك.
2- ركزى على طفلك
لا يوجد تقريبا ما هو أكثر إحراجاً من وجودك وسط الآخرين ومعك طفل يصرخ ويبكى، هنا لا ينبغى أن تقلقى بشأن نظراتهم أو تعليقاتهم الموجهة إليك، لكن حاولى التركيز على تهدئة طفلك، حاولى أخذه لمكان هادىء وتعاملى معه وحدكما بعيداً عن الآخرين.
3- إجعليه يستخدم الكلمات ليعبر عن نفسه.
ستجدين أنه يجب عليك تكرار هذه المحاولات مئات المرات على مدى السنوات القليلة المقبلة، لكنها مهمة حتى يتعلم الطفل الربط بين الكلمات وما يشعر به، عبري عما تشعرين به أنت أمامه، فمثلاً: " أشعر بالتعب اليوم لأن معدتى تؤلمنى" ، أو "أحتاج للمساعدة"، والآن عندما يشعر بالإحباط يمكنه التعبير عن نفسه وهو يشعر أنك ستفهمين شعوره، والتفهم من الآخرين هو أكثر ما يرغب به الرضع و الأطفال وحتى البالغين حين يبدؤون في البكاء.
***************
تحياتي