''أحنا شاوية لا تقولوا دلو جينا حواسه ونولوا..''، من منا لا يحفظ هذا المقطع الشاوي الذي كان سببا في طرد عميد
الأغنية الشاوية عيسى الجرموني من
فرنسا حين أداه
أمام ملايين المستمعين في الاولمبياد هناك إلا أن هذا الموقف لم يؤثر يوما على قوة صوت الجرموني ولا على
الأغنية الشاوية التي كانت ومازالت لسان حال الأوراسي حيث شكلت مصدرا لسعادته أحيانا وللتنفيس
عن همومه واهتماماته أحيانا أخرى فوجد فيها الأوراسيون متنفسا كبيرا عن
مكبوتاتهم النفسية الطواقة للحرية الرافضة للاستعمار ويبرز ذلك في التراث
الشفوي
الذي وصل إلينا متوارثا وما سجل منه بصوت الجرموني.
القصبة و البندير و الرحابة شكلان لأداء الطابع الشاوي
كانت
الأغنية الشاوية منذ القدم بطابعيها
القصبة والبندير, أوالرحابة, لسان حال منطقة الاوراس حيث انحصرت كلمات قصائدها بين الألفاظ الثورية الحماسية و
الدينية الروحانية والعاطفية الحميمة . كما يقدم هذا الطابع بلونين اما لون
القصبة والبندير
الذي يعتبر
عيسى الجرموني رائده حيث تتكون الفرق
التي تاديه من
ثلاثة أشخاص: ''القصاب''
الذي يعزف على آلة القصبة, ''والبنادري''
الذي يضرب على آلة البندير, والمغني
الذي يعتبر صوته شرط نجاح الفرقة حيث ان مؤدي الاغنية
الشاوية كانت و لا تزال قوة صوته اهم مميزاته. أما طابع الرحابة و
الذي لطالما مثل ترابط المجتمع و صلابته من حيث الطريقة
التي تقدم بها الاغني ففي الغالب تتكون المجموعة الفلكلورية من ثمانية أشخاص
أربعة مقابل أربعة، يغنون بصوت واحد نفس الكلمات، حيث تمتزج أصواتهم مشكلة
نغمة جبلية موحدا تطرب الآذان و تحمس الأبدان . وفي أغلب الأحيان لا
ترافقهم أية آلة إيقاعية، إلا أن بعض الفرق
تفضل أن تدعم اداءها بآلة البندير مما يضفي على
الأغنية نوعا من الخفة
من المتعارف
عليه أن
الأغنية الشاوية المعاصرة لا تختلف كثيرا عن
الأغنية الأصيلة،رغم اجتهاد الشباب من المؤديين لها اللون الموسيقي الصعب في اضفاء
نوع من الحداثة على تلك الإيقاعات الصلبة و الجامدة للاغاني القديمة من
خلال إدخال آلات موسيقية عصرية . وقد برزفي هذا الميدان عدد من الشباب
الذين حرصوا على الحفاظ على هذا الموروث الموسيقي القيم على غرار ماسينيسا
و حسن دادي و كاتشو. وقد ظهر فريقين ضمن هذا التيار المعاصر للأغنية
الشاوية الأول اختار الغناء باللهجة
الشاوية التي يرونها الاقرب الى الا وراسي و
عليه رفضوا الانسلاخ عن روح لهجتهم المحلية البسيطة بساطة حياتهم اليومية، و من هؤلاء نذكر ماسينيسا و
جمال صبري.. أما الفريق الثاني فان نظرة رواده كانت أوسع حيث سعى هؤلاء إلى إخراج بعث
الأغنية الشاوية من اعالي جبال الا وراس الى فضاءات أعلى و أرحب فانطلقوا الى التعريف بها داخل
الجزائر و خارجها كما فعلت الفنانة ''حورية عايشي'' المغتربة بفرنسا والتي
عرفها الجمهور
الجزائري و
التي أوصلت الكلمات الأوراسية الى خارج الجزائرباغنية '' صالح يا صالح''التي عرفت نجاحا كبيرا انطلاقا من
فرنسا ـ
التي طرد منها الجرموني يوما ـ كما ان هذا الطابع الغنائي لاقى قبولا كبيرا من الشارع
الجزائري خاصة بعد ان اصبحت الاغنية
الشاوية تقدم
باللغة العربية و من اول الفنانين الذين غنوا هذا الطابع بالعربية الفنان المتألق كاتشو و
حسان دادي وحميد بلبش.. و هكذا أصبح هذا الطابع الاكثر طلبا خلال الحفلات
و الافراح الجزائرية. وعلى العموم إن تأملنا
الأغنية الشاوية لوجدناها خليط جميل بين
العربية والشاوية، مما يدل على تشبع
الرجل الأوراسي بالثقافتين
الشاوية و
العربية في نفس الوقت. و الجدير بالذكر انه و رغم قدم موضوعات هذا الطابع
الجزائري الاصل الا انه مازال يحتل الاولوية ضمن الاعراس الاوراسية و الجزائرية أيضا.