قد يرى البعض ان الموضوع لايستحق ان نتطرق اليه
وان
اغاني الرحابة لا تعدو ان تكون مجرد
اغاني احتفالية
بالمناسبات المختلفة (زواج / ختان / خطوبة / فوز الفريق الوطني.......)
لكن استوقفني مرة قول ابن خلدون ان التراث الشعبي والاغاني الشعبية
هي احد مصادر التأريخ المعتمدة
وان ما تتضمنه الاغاني الشعبية يؤرخ لاحداث تاريخية ومعالم تستوجب الوقوف عليها
واستنطاقها و تحليلها للوقوف على ما تحتويه من دروس في
التاريخ المعاصر
هي
اغاني يمكن الاصطلاح عليها دون مبالغة بالياذة الرحابة ببساطة لانها اغاني
لاشخاص ولدوا وترعرعوا في منطقة ولدت من رحمها ثورة حيرة
التاريخ والمؤرخين
يؤرخون من خلالها لهذه الاخيرة بكل عفوية وتلقائية
ان اغان مثل (اسمحلي ها لميمة / اهل الجبال / العلام لخضر....) وغيرها
هي صور للتضحية ودروس في الوطنية وحب الوطن نلمس فيها عواطف فلاحين
وبسطاء عاصروا الثورة وشاركوا في صنع ملاحمها وضحوا بالنفس والنفيس
من اجل قضية امنوا بها وحملوها في قلوبهم لتنطق حناجرهم باغاني حملوا كلماتها عنوة
كل هذه العواطف وكل القضايا
التي امنوا بها كالحرية وحب التحرر والسيادة
وعشقهم للشهادة وحبهم لدينهم ورسولهم وتمسكهم بهويتهم رغم اساليب المستدمر
الطامحة لطمس الهوية
التي رسخوها ودرسوها لابنائهم فجاء الاشبال على شاكلة الاسود
يقول احد المقاطع( جينا من عين مليلة....سبع ايام على رجلينا...اوصلنا لجبال كنبينا..
فرج يا لحنين علينا.....)
انها صورة ترسمها كلمات بسيطة وتراكيب
سهلة لكنها تحمل بين ظهرانيها معان سامية
لتحمل هؤلاء كل المصاعب في سبيل الذود عن حرية وطنهم
ولتمسكهم بالله في قولهم (فرج يا لحنين علينا)
وقولهم في نفس الاغنية عفوا الالياذة (يا خوتي من قوة الهبال ....الطيارة حرقت لجبال
ما بياش خسارة المال ....غاضوني الشهداء لحرار....)
انهم يصورون في هذا المقطع وحشية المستدمر
الذي يحرق ويخرب ويفسد في الارض
باستعمال طائراته الحربية فهل توجد صورة اوضح من هذه الصورة
يقول الصينيون في امثالهم الشعبية ( الصورة تعبر افضل من 1000 كلمة)
لكن اخالفهم القول لان هذه
الكلمات وعلى بساطتها تعبر عن الاحداث افضل من الف الف صورة
وفي اغنية اخرى ( سير يا ديغول ...سير في حالك ....الدزاير الخضرة...ماهيش بلادك
ايجي بن بلة وينحيهالك....)
ان المقطع يؤرخ لسياسات الجنرال الفرنسي ديغول الادماجية في الجزائر
وفي المقطع نسمع من خلال حناجر الرحابة اليوم وبعد
اكثر من خمسين عاما
الرد الواضح والصريح لموقف ابناء المنطقة وكل الجزائريين من هذه السياسات
ومن طرائف ما سمعت في سهرة مع الرحابة
احداثهم لبعض التغييرات على اغنية العلام لخضر
بمناسبة انتصارات المنتخب الوطني يقولون فيها( يا لعلام لخضر يا
نجمة وتاتو ...ياسعدان يخطب
يعلم في وليداتو....)
قد يكون هذا المقطع يؤرخ اليوم لابناء الاجيال القادمة لتذكر ملاحم الخضر بعد سنوات...؟؟؟
قرأت مرة في
كتاب لمالك ابن نبي فكرة استهوتني كثيرا مفادها ان القدامى من خلال رسوماتهم وكتاباتهم
ارادوا الاجيال القادمة واطلاعهم على ما دار في حضاراتهم
لتبقى هذه
الكتابات والرسومات اليوم ارثا حضاريا للبشرية جمعاء
ومرجعا بل افضل مرجع لدراسة حضاراتهم .......
اخوتي تقبلوا في الاخير موضوعي على ما فيه من نقائص