دراسة للموساد الإسرائيلي حول تفاصيل الدعم الإيراني :حزب الله فضّل الأسلحة السورية في حرب تموز
غزة-دنيا الوطن
ما زال ملف «حزب الله» يأخذ حيزاً كبيراً من اهتمام جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) الذي يجري دراسات عن الأسباب الحقيقية التي حوّلت هذا الحزب الى قوة عسكرية كبيرة، قادرة على مواجهة احد اضخم جيوش العالم. وفي حين كان تعريف «حزب الله» في أروقة الأجهزة السياسية والعسكرية الإسرائيلية «قوات إرهابية مسلحة» اصبح يسمى «تنظيماً عسكرياً يملك سلاحاً قادراً على مواجهة جيش دولة»، ومن هذا المنطلق سيكون التعامل معه.
احد أبرز الأبحاث التي تناولت ملف «حزب الله»، أجراه ما يطلق عليه اسم «مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب» يستعرض النظرة الإسرائيلية الى مجريات الأحداث منذ انتهاء «الحرب اللبنانية الأولى» بتركيزه على الدعمين السوري والإيراني. ويحذّر معدو البحث من خطورة عدم اتخاذ اجراءات فورية توقف هذا الدعم لمنع خطر تعزيز قوة «حزب الله» من جهة والمكانتين الإيرانية والسورية من جهة أخرى. ويدعي المركز ان معظم الوسائل القتالية تصل الى لبنان من طريق الجو بواسطة «قوة القدس» ويتم نقل الوسائل القتالية والمعدات بالطائرات الإيرانية الى مطار دمشق الدولي، ومن هناك براً الى «حزب الله» في لبنان.
وخصص البحث حيزاً للسنوات الست التي تلت الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في أيار (مايو) عام 2000. ويرى الإسرائيليون ان هذه الفترة كانت فرصة ذهبية استغلها «حزب الله» لتعزيز قدراته العسكرية. وبحسب مسؤولين في جهاز الموساد طورت ايران، وبمساعدة حليفتها سورية قدرات «حزب الله» العسكرية، من خلال بناء ترسانة تضم نحو 13 ألف صاروخ ارض – ارض متفاوتة المدى (مدى قصير ومدى متوسط بالأساس وربما المدى البعيد ايضاً) ومنظمة دفاعية منظمة في جنوب لبنان تشبه الكتيبة الإيرانية.
وبحسب الاستخبارات الإسرائيلية فإن الجهة الإيرانية الرائدة والموجهة في ما يتعلق بالمساعدات المقدمة لـ «حزب الله»، هي وحدة من النخب التابعة لـ «الحرس الثوري» الإيراني تسمى «قوة القدس»، بقيادة قاسم سليماني. وهذه الوحدة مسؤولة عن النشاط العسكري الإيراني وتوجيه العناصر في لبنان وفي اماكن اخرى في العالم. وتقدر اسرائيل ان المساعدات المالية التي تقدمها ايران الى «حزب الله» من طريق «قوة القدس» تتعدى الـ 100 مليون دولار في السنة، اضافة الى التدريبات والإرشاد في ايران ولبنان، وتوفير الوسائل القتالية النوعية ونقل المعلومات الاستخباراتية عن اسرائيل. وتتوقع اسرائيل ان تضاعف «قوة القدس»، في هذه الفترة الموازنة المخصصة للحزب لتصل الى مئات ملايين الدولارات لترميم الأضرار التي لحقت بالسكان الشيعة في بيروت وجنوب لبنان.
وفي الكلام عن طبيعة التدريبات يعتمد البحث على شهادتي اثنين من اسرى «حزب الله» لدى اسرائيل تدّعي الاستخبارات انهما اعترفا بها. وبموجب هذه الاعترافات فإن المعسكرين الأساسيين اللذين تستعملها «قوة القدس» لتأهيل المقاتلين هما معسكر «الإمام علي» في طهران ومعسكر «بهونار» في مدينة خرج، شمال طهران. وتدعي اسرائيل ان الأسيرين اعترفا بأنهما تدرّبا في معسكر خرج وأن أحدهما اعترف بأن قائد التدريبات على الأسلحة المضادة للطائرات عام 1999 كان مرشداً إيرانياً كبيراً يدعى حسن ايرلو. ويشير معدو البحث الى ان عناصر «حزب الله» يتدربون في ايران وفق منظومة متنوعة من التدريبات بدءاً من التدريبات المزدوجة وانتهاء بإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات (بما في ذلك صواريخ «ساجر» و «تاو») واطلاق الصواريخ المضادة للطائرات. ويتم التركيز بصورة خاصة على تأهيل وحدات «حزب الله» التي تشغّل الوسائل القتالية التي تعتبر استراتيجية مثل صواريخ أرض – أرض التي يفوق مداها الـ 75 كليومتراً والطائرات الصغيرة من دون طيار. وفي هذا الاطار، يشير البحث الى ان ضباطاً من «حرس الثورة» ساعدوا «حزب الله» في اطلاق الطائرة الصغيرة من دون طيار، من صنع ايران فوق اسرائيل، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2004.
ويقول معدو البحث ان الايرانيين يستغلون المساعدات الانسانية لدعم «حزب الله». ويزعمون ان في السنوات الأخيرة استغلت الرحلات الجوية المخصصة لنقل المساعدات الانسانية لمنكوبي الهزة الأرضية جنوب شرقي ايران (كانون الأول/ ديسمبر 2003 وكانون الثاني/ يناير 2004)، لتحميل الطائرات معدات ووسائل قتالية وشحنها الى دمشق لمصلحة «حزب الله».
وتحت عنوان «تصدير ايديولوجية الثورة الاسلامية في ايران» يعرض جهاز الاستخبارات في سياق بحثه عدداً من صور لكراسات حصل عليها الجيش الاسرائيلي في الحرب الأخيرة.
وفي محاولة لإظهار نجاح اسرائيل في رقابتها على قدرة «حزب الله» العسكرية يـورد البحـث أصنافاً عـدة مـن الأسـلحة التي يملكها الحزب ويقسمها الى ثلاثة أنواع:
- وسائل قتالية من الصناعات الايرانية ومن ضمنها منظومة الصواريخ البعيدة المدى من طرازي «فجر 3» و «فجر 5» من انتاج الصناعات العسكرية الايرانية. واستخدم «حزب الله» قسماً من هذه الوسائل القتالية في الحرب الأخيرة.
- وسائل قتالية من انتاج الصناعات العسكرية السورية: صواريخ قطرها 220 مليمتراً، يصل مداها الى 75 كيلومتراً ومنظومة صواريخ 302 مليمتر لمدى يزيد على 100 كيلومتر. وتقدر اسرائيل ان جزءاً من مشتريات الوسائل القتالية السورية مولته ايران. ويدعي البحث ان «حزب الله» فضل خلال الحرب استخدام السلاح السوري بصورة أساسية.
- وسائل قتالية من انتاج دول أخرى حوّلتها سورية وايران الى «حزب الله» وهي صواريخ متطورة مضادة للدبابات من طرازات Ko
et وMetisوRPG-29، أو صواريخ مضادة للطائرات من طرازي SA-7 و SA-14 من انتاج روسي نقلت من سورية الى «حزب الله»، أو صاروخ الشاطئ – البحر من طراز C-802 من انتاج الصين الذي أرسل من ايران الى «حزب الله».
ويخلص البحث الى ان سورية وايران نجحتا من طريق المساعدات في تحويل «حزب الله» من «منظمة ارهابية» لبنانية محلية الى قوى عسكرية ذات قدرات عالية وتأثير في الطائفة الشيعية والسياسة اللبنانية عموماً.
ويعترف الموساد بأن القدرات التنفيذية لـ «حزب الله» هي في مستوى دول وليست في مستوى «منظمة ارهابية»، على حد تعبير معدي البحث الذين أضافوا ان ذلك تجسد في «حرب لبنان الثانية» حيث تتيح البنية التحتية للإيرانيين والسوريين ايجاد قوة هجوم ورد في مواجهة اسرائيل.
ويمضي معدو البحث في استنتاجاتهم الى ان وجود «حزب الله» يوفر للإيرانيين الفرصة والقدرة، من وجهة النظر الايرانية، على إحداث تدهور اقليمي (من دون تدخل مباشر) وضرب مصالح اسرائيل والغرب، طبقاً لاعتبارات السياسة الايرانية.
وعلى هذه الخلفية، تتوقع اسرائيل أن تعمل ايران وسورية خلال فترة قريبة على ترميم البنية التحتية لـ «حزب الله» التي تضررت في «حرب لبنان الثانية»، وفي الوقت نفسه التجاهل التام لقرار مجلس الأمن الرقم 1701.
http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2006/10/13/59264.html